سورة ق - تفسير تفسير الثعالبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ق)


        


{وجاءت سكرة الموت} أي غمرته وشدته التي تغشى الإنسان وتغلب على عقله {بالحق} أي بحقيقة الموت وقيل بالحق من أمر الآخرة حتى يتبينه الإنسان ويراه بالعيان وقيل بما يؤول إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاوة {ذلك ما كنت منه تحيد} أي يقال لمن جاءته سكرة الموت: ذلك الذي كنت عنه تميل. وقيل: تهرب وقال ابن عباس: تكره {ونفخ في الصور} يعني نفخة البعث {ذلك يوم الوعيد} أي ذلك اليوم الذي وعد الله الكفار أن يعذبهم فيه {وجاءت} أي في ذلك اليوم {كل نفس معها سائق} أي يسوقها إلى المحشر {وشهيد} أي يشهد عليها بما عملت. قال ابن عباس: السائق من الملائكة والشاهد من أنفسهم الأيدي والأرجل فيقول الله تعالى لصاحب تلك النفس {لقد كنت في غفلة من هذا} أي من هذا اليوم في الدنيا {فكشفنا عنك غطاءك} أي الذي كان على قلبك وسمعك وبصرك في الدنيا {فبصرك اليوم حديد} أي قوي ثابت نافذ تبصر ما كنت تتكلم به في الدنيا. وقيل: ترى ما كان محجوباً عنك وقيل نظرك إلى لسان ميزانك حين توزن حسناتك وسيئاتك {وقال قرينه} يعني الملك الموكل به {هذا ما لدي} أي عندي {عنيد} أي معد محضر. وقيل: يقول الملك هذا الذي وكلتني به من بني آدم قد أحضرته وأحضرت ديوان عمله {ألقيا في جهنم} أي يقول الله تعالى لقرينه وقيل هذا أمر للسائق والشهيد {كل كفار} أي شديد الكفر {عنيد} أي عاص معرض عن الحق معاند لله فيما أمره به.


{منّاع للخير} أي للزكاة المفروضة وكل حق وجب عليه في ماله {معتد} أي ظالم لا يقر بتوحيد الله {مريب} أي: شاكّ في التوحيد {الذي جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد} يعني النار {قال قرينه} يعني الشيطان الذي قيض لهذا الكافر {ربنا ما أطغيته} قيل: هذا جواب لكلام مقدر وهو أن الكافر حين يلقى في النار يقول: ربنا أطغاني شيطاني فيقول الشيطان ربنا ما أطغيته أي ما أضللته وما أغويته {ولكن كان في ضلال بعيد} أي عن الحق فيتبرأ منه شيطانه وقال ابن عباس: قرينه يعني الملك يقول الكافر الكافر ربِّ إن الملك زاد عليّ في الكتابة فيقول الملك ربنا ما أطغيته أي ما زدت عليه وما كتبت إلا ما قال وعمل ولكن كان في ضلال بعيد أي طويل لا يرجع عنه إلى الحق {قال} الله تعالى: {لا تختصموا لدي} أي لا تعتذروا عندي بغير عذر وقيل هو خصامهم مع قرنائهم {وقد قدمت إليكم بالوعيد} أي بالقرآن وأنذرتكم على ألسن الرسل وحذرتكم عذابي في الآخرة لمن كفر {ما يبدل القول لدي} أي لا تبديل لقولي وهو قوله عز وجل: {لأملأن جهنم} وقضيت عليكم ما أنا قاضٍ فلا يغير قولي ولا يبدل وقيل معناه ولا يكذب عندي ولا يغير القول عن وجهه، لأني علام الغيوب وأعلم كيف ضلوا وهذا القول هو الأولى يدل عليه أنه قال ما يبدل القول لدي ولم يقل ما يبدل قولي {وما أنا بظلام للعبيد} أي: فأعاقبهم بغير جرم. وقيل: معناه فأزيد على إساءة المسيء أو أنقص من إحسان المحسن.
قوله عز وجل: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت} بيان لما سبق لها من وعد الله تعالى إياها أنه يملؤها من الجنة والناس وهذا السؤال من الله تعالى لتصديق خبره وتحقيق وعده {وتقول} يعني جهنم {هل من مزيد} يعني تقول قد امتلأت ولم يبق في موضع لم يمتلئ فهو استفهام إنكاري. وقيل: هو بمعنى الاستزادة. وهو رواية عن ابن عباس. فعلى هذا يكون السؤال وهو قوله: هل امتلأت؟ قبل دخول جميع أهلها فيها.
وروي عن ابن عباس: إن الله تعالى سبقت كلمته لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فلما سيق أعداء الله إليها لا يلقى فيها فوج إلا ذهب فيها ولا يملؤها شيء فتقول ألست قد أقسمت لتملأني فيضع قدمه عليها فيقول هل امتلأت؟ فتقول قط قط قد امتلأت وليس من مزيد.
(ق) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العرش- وفي رواية رب العزة- فيها قدمه فيزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط بعزتك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقاً فيسكنهم فضول الجنة».


{وأزلفت الجنة} أي قربت وأدنيت {للمتقين} أي الذين اتقوا الشرك {غير بعيد} يعني أنها جعلت عن يمين العرش بحيث يراها أهل الموقف قبل أن يدخلوها {هذا ما توعدون} أي يقال لهم الذي وعدتم به في الدنيا على ألسنة الأنبياء {لكل أواب} أي رجاع عن المعصية إلى الطاعة. قال سعيد بن المسيب: هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب. وقيل: هو الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها. وقيل: هو التواب، وقال ابن عباس: هو المسيح. وقيل: هو المصلي {حفيظ} قال ابن عباس الحافظ لأمر الله وعنه هو الذي يحفظ ذنوبه حتى يرجع عنها ويستغفر منها وقيل: حفيظ لما استودعه الله من حقه. وقيل: هو المحافظ على نفسه المتعهد لها المراقب لها. وقيل: هو المحافظ على الطاعات والأوامر {ومن خشي الرحمن بالغيب} أي خاف الرحمن فأطاعه وإن لم يره وقيل: خافه في الخلوة بحيث لا يراه أحد إذا ألقى الستر أغلق الباب {وجاء بقلب منيب} أي مخلص مقبل على طاعة الله {ادخلوها} أي يقال لأهل هذه الصفة: ادخلوا الجنة {بسلام} أي بسلامة من العذاب والهموم. وقيل: بسلام من الله وملائكته عليهم وقيل: بسلامة من زوال النعم {ذلك يوم الخلود} أي في الجنة لأنه لا موت فيها.

1 | 2 | 3